وذلك منذ بداية التجارب العلمية والبحثية في يوليو عام 2001، مما يؤكد أهمية هذا المشروع لحل المعضلة الزراعية مستقبلا ومواكبة التوجه العالمي الحالي نحو هذه التقنية الحديثة والتي تشكل هاجسا كبيرا لكثير من المجتمعات الزراعية في العالم.
وقد جاء تبني مركز السلطان قابوس لتقنيات الزراعة المتطورة وبدون تربة من خلال المنحة التي قدمها السلطان قابوس للجامعة تحت مسمى كرسي السلطان قابوس للاستزراع الصحراوي ليمثل خطوة هامة وجادة على طريق الخروج من المأزق الزراعي الذي تفرضه شح المياه الذي تعاني منه المنطقة بأكملها ولكي تظل الزراعة شريكا أساسيا في توفير الأمن الغذائي الذي بات يؤرق الكثير من الدول. "أخبار الخليج" شاركت فريق الجامعة رحلته مع هذه التقنية المتطورة منذ بدايتها في يوليو 2001 تحت اشراف العالم البارز د. محمد نبيل علاء الدين الذي استطاع بفضل جهوده وبحوثه العلمية ان يحقق نتائج علمية ذات جدوى عالية في هذا المشروع في مرحلته الأولى والآن نواصل الرحلة معا لكشف نتائج المرحلة الثانية منه مع مشرف المشروع د. وليد زباري نائب عميد كلية الدراسات العليا ومدير برنامج علوم الصحراء والأراضي القاحلة بجامعة الخليج العربي وذلك من خلال الحوار التالي: توجه عالمي بداية يجب التأكيد على أن الزراعة بدون تربة باتت جزءا مهما من الزراعة العالمية وهي تمثل توجها عالميا اليوم، وفي هولندا على سبيل المثال نجد أن نصف البيوت المحمية تستخدم الزراعة بدون تربة، وان ثلثي مساحة البيوت المحمية التي تنتح خضراوات تستخدم تقنية الزراعة بدون تربة، وان جميع محاصيل الطماطم والخيار والفلفل بها تتم زراعته بنفس التقنية.
واذا علمنا انه قبل أربعين عاما كانت المساحة المزروعة بالعالم لا تتعدى عشرة هكتارات وأن هذه المساحة بلغت في عام 2000 (30) ألف هكتار لزراعة الخضراوات والزهور في المناطق الجافة والرطبة، فهذا أقرب دليل على التوجه العالمي نحو الزراعة بدون تربة. { والى أين وصل المشروع حاليا؟ - المشروع حاليا يمر بمرحلته الثانية حيث قمنا بتحويل جميع البيوت المحمية للزراعة بدون تربة وكان الهدف من هذه المرحلة احتساب الكلفة المائية والانتاجية لوحدة المساحة للموسم الشتوي لنفس المحصول الذي تمت زراعته بالصيف وادخال بعض محاصيل الخضر ذات القيمة السوقية المرتفعة والتي تستورد بالطائرات من الخارج وزراعة بعض الأنواع من أزهار القطف واستخدام الزراعة العمودية لزيادة انتاجية وحدة المساحة.
نتائج المرحلة الثانية { وما هي نتائج المرحلة الثانية؟ - النتائج مبشرة للغاية فالكلفة المائية لانتاج بعض الخضراوات كانت منخفضة وصلت بالنسبة للخيار الى 16 لترا لكل كيلوجرام مقابل 134 لترا في النمط الزراعي السائد، أما انتاجية المتر المربع فبلغت 30 كيلوجراما للمتر المربع مقابل 3 كيلو في النمط السائد، وبالنسبة لانتاج النبات الواحد (الشتلة) فقد بلغت 8 كيلوجرامات مقابل 800 جرام في الزراعة التقليدية، وبالنسبة لمحصول الطماطم، فقد تم استخدام 50 لترا للكيلوجرام مقارنة بـ 240 لترا في النظام السائد، كما انتجنا 12 كيلوجراما من المتر المربع مقابل ثلاثة كيلو في الزراعة التقليدية أما الشتلة فانتاجها 3 كيلوجرامات مقابل 750 جراما سابقا. كما تم كذلك انتاج بعض المحاصيل ذات القيمة السوقية المرتفعة وقد بيعت بالأسواق وكانت مشابهة لأسعار الخضار التي يتم احضارها من الخارج، أما النتائج المبدئية لأزهار القطف فهي جيدة جدا ومشابهة لجودة الأزهار المستوردة من الخارج. ومنذ بداية المشروع تم انشاء أربعة بيوت محمية اثنتان بالزراعة بدون تربة واثنتان منها تزرع بالزراعة التقليدية، وفي المرحلة الثانية تم تحويل جميع البيوت الى زراعة بدون تربة مع استخدام تقنية النظام المفتوح والتي يتم تزويد النباتات بحاجتها من المياه مع اضافة 15% تصرف لزوم الغسيل.
محاصيل زراعية جديدة { وما هي المحاصيل التي تمت زراعتها؟ وما جدوى ذلك؟ - بالنسبة لمحاصيل الخضراوات تمت زراعة صنفين من الخيار وخمسة اصناف من الطماطم وصنفين من الفلفل وخس (أيس برج) وفراولة باستخدام الزراعة العمودية، أما أزهار القطف فهي وردة وقرنفل وجربيرا وجبسوفيل وأوركيد وليزيانتش. ان ادخال محاصيل زراعية جديدة أمر ضروري للتنمية الزراعية فزراعة الفراولة بدأت بالانتشار في دول مجلس التعاون وهنالك مزارع تستخدم تقنيات الزراعة العمودية وقد قمنا بتجربة زراعة الخس باستخدام تقنية الزراعة العمودية وستظهر النتائج خلال فترة قصيرة وكذلك زراعة أزهار القطف سيكون لها أكبر الأثر على التنمية الزراعية وذلك بسبب الاقبال الكبير والمتزايد من قبل الناس على استهلاك هذه المنتجات. { وماذا عن نتائج زراعة محصول الطماطم (شيري)؟ - النتائج كانت مذهلة، فقد قمنا بزراعة نصف خط نتج عنه 10% من استهلاك البحرين الاسبوعي، ومن خلال تسعة قطفات كان مجموع الانتاج 130 كيلوجراما علما ان سعر الكيلو يباع في السوق البحريني بأربعة دنانير وهو مطابق لنفس المستورد من هولندا.
متطلبات التقنية { ما هي متطلبات هذه التقنية؟ - أهم المتطلبات الأساسية لهذه التقنية هو توفر الدعم والارادة السياسية ومركز بحث وتدريب وارشاد زراعي متخصص في تقنيات الزراعة المتطورة بالتعاون مع المنظمات الاقليمية في هذا المجال وتأهيل وتدريب الشباب الزراعي على تقنيات الزراعة بدون تربة فضلا أهمية وجود شركة تسويقية تعاونية ومختبر مركزي يخدم المزارعين. { إلى أي مدى يمكن أن تسهم الزراعة بدون تربة في الحد من مشكلة البطالة المحلية؟ - المعروف ان حوالي 45% من العاطلين عن العمل بالبحرين هم من خريجي الثانوية العامة وان هذه التقنية لو توفرت لها الارادة السياسية من الممكن أن توفر فرص عمل كثيرة لهؤلاء وهذا يعتمد على القدرة على اتخاذ قرار سياسي في هذا الشأن. فلو تم على سبيل المثال انشاء 200 صوبة فمن الممكن توفير حوالي 50 فرصة عمل لأبناء البلاد ومن الممكن أيضا اقامة مشاريع اقتصادية عائلية تعتمد على هذا النوع من الزراعة، علما أن الزراعة بدون تربة لا تتطلب المزارع التقليدي، كما ان الشباب الخليجي يعزف عن العمل الزراعي الشاق ومن ثم فان هذه الزراعة من الممكن أن توفر فرص عمل عديدة للشباب المتعلم من خريجي الثانوية.
انطلاق المشروع وأهدافه { ما هي دوافع انطلاق هذا المشروع من البداية؟ وكيف كانت نتائج المرحلة الأولى؟ - تمثل المياه الجوفية أحد الموارد الطبيعية الهامة في منطقة الخليج التي تعاني حاليا من نقص في ميزانها المائي. والمعروف ان الزراعة المستهلك الرئيسي للموارد المائية الطبيعة حيث يذهب اكثر من 60% من المياه الجوفية الى القطاع الزراعي، كما ان الاحتياجات المائية للزراعة أصبحت تفوق بكثير ما هو متوافر من مصادر مياه طبيعية متجددة لذلك فإن رفع كفاءة استغلال المياه في الري سيكون له الأثر الأكبر في المحافظة على المياه حيث ان التركيز على بعض انواع المنتجات الزراعية وتشجيع زراعتها باستخدام تقنيات زراعية متطورة وتوجيه المزارعين إلى استخدام هذه التقنيات سيكون له الأثر الأكبر في المحافظة على المياه التي سيتم توفيرها بنسبة قد تصل الى 90%. ولحل تلك المشاكل قامت جامعة الخليج العربي بانشاء مركز لتقنيات الزراعة بدون تربة بتركيب أربعة بيوت محمية اثنتان تستخدم الزراعة بدون تربة واثنتان زراعة في التربة العادية وقد بدأ المركز مرحلته الأولى اعتبارا من فبراير 2002 ومن خلال أحد طلاب الدراسات العليا باحتساب الكلفة المائية لانتاج بعض أنواع الخضراوات وقد كانت النتائج التي تم الحصول عليها مشجعة للغاية حيث كانت الكلفة المائية لانتاج 1 كيلو جرام من الخيار قليلة ولم تعد مشكلة نقص وملوحة المياه من الأمور المحددة لنمو وتطور هذا القطاع، هذا اضافة لارتفاع انتاجية وحدة المساحة والتي كانت بحدود ثلاثة أضعاف الانتاج في الزراعات التقليدية ناهيكم عن جودة المحصول.
ومن المؤكد ان استخدام الزراعة بدون تربة تمثل اختيارا منطقيا واسلوبا مثاليا للانتاج في شبه الجزيرة العربية وذلك نظرا لشح المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع مستوى المعيشة الذي يتطلب نوعية منتجات مختلفة عن تلك التي تزرع بالطريقة التقليدية. كما ان تنمية قطاع الزراعة باستخدام الزراعة بدون تربة في دول شبه الجزيرة العربية يعتبر أمرا ضروريا لتلبية حاجة المنطقة الى نظم انتاج ذات كفاءة مائية وتقنية متطورة وللمساهمة في تنمية القطاع الزراعي وحمايته من الانكماش وكي يكون مصدرا لفرص عمل متزايدة تساهم في تنمية مستدامة للمجتمع الخليجي.
خطط مستقبلية { وما هي الخطط المستقبلية؟ - الاستمرار في الأبحاث الأساسية والمتمثلة في حساب الكلفة المائية لانتاج المحاصيل الزراعية الجديدة المراد ادخالها واستخدام هذه التقنية للاستفادة من امكانية انتاج تلك المحاصيل بنفس الجودة في فصل الصيف وكذلك تجربة محاصيل زراعية جديدة وقد تم بالفعل الاتصال مع الشركات في الخارج لطلب البذور المطلوبة ويدخل ضمن الخطط المستقبلية الاتصال والتنسيق مع المؤسسات الحكومية والدولية بتشغيل المشاريع الصغيرة وتدريب الكوادر والشباب العاطلين عن العمل وخصوصا بالنسبة الى التجارب التي أثبتت وتم التأكد من نتائجها.
الملاحظة : أخبار الخليج 17/3/2003
الزراعة من دون تربة تحقق نتائج قياسية بالبحرين | تسجيل الدخول/عضو جديد | 0 تعليقات